الأربعاء، 26 أغسطس 2015

إشكالية التربية و التعليم بالمغرب: أزمة الإصلاح أم إصلاح الأزمة؟





يشكل إصلاح المنظومة التربوية ببلادنا التحدي الأكبر والرهان الأساسي لبلوغ التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المنشودة، على اعتبار أن إصلاح قطاع التربية و التعليم هو بالأساس  استثمار في الرأسمال البشري، الذي يشكل الثروة الوطنية الإستراتيجية لمواجهة تحديات العولمة و التنافسية
و السباق نحو امتلاك الخبرات و العلوم  و التقنيات ، باعتبارها النواة الصلبة لتأسيس مجتمع العلم والمعرفة، و المدخل الأساسي للرقي ببلادنا إلى مصاف المجتمعات المتقدمة.
 فتاريخ المنظومة التربوية المغربية هو تاريخ الإصلاحات بامتياز، وفي نفس الوقت تاريخ  صعوبات و إكراهات تنزيلها على أرض الواقع، حيث أن كل الإصلاحات  المتعاقبة على المنظومة التربوية  المغربية باءت بالفشل، نظرا لكونها لم تبلغ، لا القصد من بلورتها، ولا الهدف من إعدادها. لتتعدد الأسئلة و تتشعب الإجابات: لماذا فشلت الإصلاحات التربوية السابقة ؟  لماذا لم  تحقق الأهداف المسطرة و لم تبلغ النتائج المرجوة  ؟  و ما هي أهم مداخل الإصلاح التربوي المنشود؟ 
1 – حصيلة الإصلاحات المتعاقبة : مجهودات مهمة في مقابل نتائج مخيبة للآمال.
فرغم كل المخططات و البرامج الإصلاحية التي تعاقبت على المنظومة التربوية بالمغرب، وكل الإمكانيات و الموارد المتاحة من طرف السلطات التربوية (مالية، مادية، بشرية... )، وبالرغم من المجهود المالي و الإعتمادات المهمة المرصودة من طرف الدولة، حيث تمثل ميزانية التربية و التعليم  28 % من الميزانية العامة  و%من الناتج الخام الوطني. نجد في المقابل، أن آخر البيانات و المعطيات الإحصائية والتقارير الدولية و الوطنية، تؤكد على أن منظومتنا التربوية تحتضر و تصاب بانتكاسة تلو أخرى، وتعرف كسادا وتكلسا حادين، مما سيجعلها - إن لم تتخذ السلطات الوصية في أقرب الآجال القرارات  المصيرية والحاسمة و الجريئة -  تصل لا قدر الله إلى السكتة القلبية.
آخر هذه التقييمات، تقرير التنمية البشرية لعام 2013 الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي كشف أن معدل إلمام البالغين بالقراءة و الكتابة (من فئة 15 سنة فما فوق) بلغ  %56.1 . كما أن نسبة السكان (فئة 25 سنة فما فوق) الحاصلين على مستوى التعليم الثانوي لا تتعدى 28 %.
ويشير التقرير الأممي كذلك، إلى أن النسبة الإجمالية للالتحاق بالتعليم  تتباين حسب الأسلاك التعليمية، حيت تم تسجيل على التوالي %114 بالابتدائي و  56% بالثانوي  و  %13.2 بالتعليم العالي.  فيما ناهز  معدل التسرب من التعليم الابتدائي 9.5% ، وهي نسبة مرتفعة مقارنة مع المعدلات المسجلة من طرف الدول ذات المستوى الاقتصادي المماثل لبلادنا.
و في نفس السياق، فإن نتائج الدراسة الدولية لقياس مدى تقدم القراءة في العالم "PIRLS"، والاتجاهات في الدراسة العالمية للرياضيات والعلوم "TIMSS" اللتين تقيسان  استنادا إلى معايير علمية وموضوعية، مدى نجاعة وجودة الأنظمة التعليمية في العالم فيما يخص التعليم الأساسي والنوعي، كشفت عن احتلال تلاميذ الصف الرابع  ابتدائي بالمغرب، مراتب جد متأخرة في ما يتعلق بقياس تقدم القراءة وتقييم الاتجاهات في الرياضيات والعلوم ضمن ثلاث مجموعات من أصل 63 دولة  شملتها الدراستان : مجموعة "أسوأ" أداء في القراءة رفقة سلطنة عمان وقطر، ومجموعة "أخيب" أداء في الرياضيات مجاورا كلا من اليمن والكويت، وأخيرا مجموعة "الكسالى" في العلوم مع اليمن وتونس. وهذا يشير إلى أن تلاميذ الصف الرابع  ابتدائي يجدون صعوبة كبيرة في التمكن من مهارات القراءة باللغة العربية.
كما أصدرت منظمة  "اليونسكو" مؤخرا تقريرا صادما عن واقع التربية والتعليم بالمغرب، حيث أشار التقرير الذي تناول بالتفصيل المنظور العالمي حول انتقال التلاميذ إلى التعليم الثانوي، ونسبة الأساتذة وبيئة وجودة وتمويل التعليم  في إطار مقارنة إحصائية لواقع التربية والتعليم في العالم لسنة 2011، أن المنظومة التربوية المغربية تحتل مراتب متأخرة في أغلب المؤشرات التربوية  مقارنة مع المنظومات التربوية لأغلب الدول العربية و الإفريقية.
ف 10 % من الأطفال الذين بلغوا سن التمدرس لم يلتحقوا بالمؤسسات التعليمية ، في مقابل ذلك سجلت تونس نسبة 100 %، وحققت قطر نسبة 98 %، ومصر 97.5 %، والكويت 97 %، ثم البحرين 93 %. كما أن معدل الانتقال من التعليم الابتدائي إلى الثانوي الإعدادي بلغ حوالي 87 %، حيت جاء ترتيب المغرب وراء إثيوبيا التي سجلت معدل 91 % ، فيما سجلت كل  من  السودان وتونس والبحرين وجيبوتي 96 % .
بالإضافة إلى ذلك، أكد تقرير منظمة "اليونسكو" أن نسبة انتقال التلاميذ إلى الثانوي الإعدادي في المغرب بلغت 34.5 %، وهي نسبة جد متدنية مقارنة مع ما حققته دول الأخرى ( البحرين 89 % ،الكويت 79 % ، قطر 77 %، مصر 65 % ، ناميبيا 54 %، كينيا 50 % ، غانا 46 %).
كما أشار التقرير المذكور، إلى أن نسبة المقروئية بالمغرب بالنسبة للفئة العمرية  فوق 15 سنة بلغت حوالي 56 %، منها 44 % بالنسبة للإناث. وكشفت الإحصائيات و المؤشرات المقارنة، أن المغرب احتل مع موريتانيا رتبة جد متأخرة مقارنة مع الدول العربية . كما حققت قطر نسبة 95 %، تليها الأردن بنسبة 91 %، وسجلت عمان وليبيا والسودان وتونس ومصر نسب عالية.
و في هذا الصدد، أوضحت دراسة أجراها مؤخرا موقع (Averty.ma)  من خلال استطلاع للرأي عبر الانترنت ، أن المغاربة غاضبون من التعليم العمومي كما أنهم بدؤوا يفقدون ثقتهم في النظام التربوي، مما يعزز شعور عام بخيبة الأمل والإحباط، فسواء قبل أو بعد الباكلوريا، فمعدل رضا المستجوبين جد منخفض. حيث عبر 58 % من المستطلعة آراؤهم عن عدم رضاهم عن الدروس التي تقدم بالمغرب٬ فيما يعتبر 9 من أصل 10 أن المخطط الاستعجالي لم تكن له فائدة تذكر.

2 - تاريخ الإصلاحات التربوية بالمغرب تاريخ أزمة بامتياز.
مند الاستقلال إلى حد الآن، توالت على المنظومة التربوية المغربية مجموعة من الإصلاحات و المناظرات و اللجن :اللجنة الرسمية لإصلاح التعليم (1957 )، اللجنة العليا لإصلاح التعليم (1958)، مناظرة المعمورة(1964 )، مشروع إصلاح التعليم  بإفران ) 1980) اللجنة الوطنية المختصة بقضايا التعليم (1994)، ثم الميثاق الوطني للتربية والتكوين(2000/2010 )، و مؤخرا البرنامج الاستعجالي (2009/2012 ).
فواقع الحال، يشير إلى أن تاريخ الإصلاحات التربوية بالمغرب و التي كان أهمها الميثاق الوطني للتربية و التكوين و آخرها البرنامج الإستعجالي 2009/2012 ،  هو تاريخ أزمة بامتياز، فالسياسات التعليمية المتعاقبة على المنظومة التربوية، فشلت في إنجاز مشروع وطني إصلاحي حول المدرسة المغربية.
اختلالات في أجرأة الميثاق الوطني للتربية و التكوين:
فالميثاق الوطني للتربية و التكوين باعتباره أهم وثيقة لإصلاح منظومة التربية و التكوين أجمع عليها كل الفاعلين والشركاء والمتدخلين في الشأن التربوي أنداك، دقق في الكثير من التفاصيل و التزم بأهداف و مؤشرات عجزت المنظومة التربوية على تحقيقها. ولذلك نكاد نجزم أن سبب الفشل في تنزيل مقتضيات الميثاق الوطني للتربية و التكوين  يرجع بالأساس إلى أسباب تدبيرية و تواصلية و مالية. حيث تم تسجيل ضعف ونقص في تكوين المكلفين بأجرة الميثاق في مجال التدبير التربوي و الإداري و المالي. كما أنه لم تتم التعبئة المجتمعية بالشكل الكافي و المطلوب لضمان انخراط كافة المتدخلين و الفاعلين و الشركاء في مجهودات الإصلاح. بالإضافة إلى أن الحكومة حينئذ، لم تتمكن من توفير الإعتمادات المالية الضرورية التي التزمت بها ( الرفع من ميزانية قطاع التعليم ب 5 % سنويا) لتمويل تنزيل مقتضيات الميثاق الوطني.
  و في هذا السياق، جاء تقرير المجلس الأعلى للتعليم في نهاية عشرية التربية و التعليم ليدق ناقوس الخطر، و ليعلن فشل تنزيل الميثاق الوطني للتربية و التكوين نتيجة تضافر خمس اختلالات أساسية :
* إشكالية الحكامة على مختلف المستويات ؛
* انخراط المدرسين في مزاولة المهنة في ظروف صعبة ؛
* نموذج بيداغوجي أمام صعوبة الملاءمة والتطبيق ؛
* إشكالية تعبئة الموارد المالية وتوزيعها؛
*ضعف التعبئة حول إعادة الاعتبار للمدرسة المغربية .
و تأسيسا على ذلك، فإن الميثاق الوطني للتربية و التكوين كان في الواقع، جوابا سياسيا أكثر منه جوابا تربويا و بيداغوجيا على إشكاليات التربية والتعليم ببلادنا، على  اعتبار أن  السياسات التعليمية كانت مرتبطة بالمشروع المجتمعي و بالاختيارات السياسية التي كانت سائدة أنداك ( حكومة التناوب، مشروع الانتقال الديمقراطي)، حيث لا يمكننا أن نتكلم عن إصلاح تربوي ناجح  في غياب توافق سياسي حقيقي لكافة الحساسيات الوطنية، حول المرامي  و الوظائف و الاختيارات الأساسية للمدرسة المغربية.
تعثرات البرنامج الإستعجالي :
بعدما استنفذ الميثاق الوطني للتربية و التكوين لكل أغراضه، تمت بلورة و إعداد وتنزيل البرنامج الإستعجالى 2009/2012 ، الذي اعتبر من طرف المسؤولين عن القرار التربوي حينئذ، كنفس جديد للإصلاح، حيث خصصت له اعتمادات مهمة تقدر ب41 مليار درهم، أي بزيادة تقدر ب 33  % عما كان يخصص سابقا لميزانية وزارة التربية الوطنية.
 على أنه و على الرغم  مما تحقق من نتائج ملموسة في بعض المجالات كتعميم التعليم و العرض المدرسي ( تحسن في نسب التمدرس، تأهيل و إصلاح مجموعة من المؤسسات التعليمية، توسيع الاستفادة من عمليات الدعم الاجتماعي، استعمال تكنولوجيا الإعلام و التواصل...)، و بالرغم كذلك من أهمية بعض المقاربات المعتمدة في تنزيله كالمقاربة بالمشروع و مقاربة التدبير بالنتائج ، فالأهداف المحددة لم تكن مركزة بالشكل المطلوب ، كما غابت مسألة تحديد الأولويات، حيث تم فتح مجموعة من الأوراش في وقت واحد ( 26 مشروع)، مما أدى إلى تشتت المجهودات و تبديد الموارد المالية و البشرية و تضييع الجهود والطاقات.
وعلى هذا الأساس، فالبرنامج الإستعجالي كان بدوره جوابا تقنيا صرفا حيث لم يجسد الجواب التربوي والمجتمعي المنتظر على المعضلات و الاشكاليات الأفقية للمنظومة التربوية المتمثلة في ترسيخ ممارسة الحكامة الجيدة و تحسين جودة التعليم و الإرتقاء بوظائف المدرسة المغربية و أدوارها . كما أنه افتقد للرؤية الإستراتيجية و لإشراك  وتعبئة وانخراط كافة الفاعلين و المعنيين بالشأن التعليمي في صناعة القرار التربوي. بالإضافة إلى أن ثقافة التقييم و التتبع والقيادة و آليات المحاسبة و المساءلة كانت غائبة في تنزيله.
3 - بعض المداخل الأساسية للإصلاح التربوي المنشود.
إن مكمن الخلل في الإصلاحات  المتعاقبة على المنظومة التربوية يتجسد في اعتقادنا  في كونها لم تصل بعد إلى التلميذ باعتباره محور العملية التربوية و المستهدف الأول والأساسي من العملية الإصلاحية ، بقدر ما كانت تحوم حول المعضلات التربوية الكبرى دون ملامسة جوهر وكنه الإشكاليات الجوهرية للمنظومة التربوية .
و على هذا الأساس، يستوجب من السلطات التربوية مراجعة الإستراتيجيات و المخططات التربوية المعتمدة،  وكذا الآليات و الوسائل و المقاربات الإصلاحية، من خلال اعتماد سياسة تربوية متعددة الأبعاد و المستويات تستدعي استحضار كافة العوامل و الأسباب المرتبطة بأزمة النظام التعليمي (العوامل الذاتية و الموضوعية...) . على اعتبار أنه لا يمكن إصلاح المنظومة التربوية بمعزل عن السياق السياسي والاجتماعي و الاقتصادي الراهن، ودون الأخذ بعين الاعتبار بعلاقة وتأثير باقي السياسات القطاعية الأخرى على قطاع التربية و التعليم (نهج الالتقائية في التدبير) .
وعليه، فإن نجاح الإصلاح التربوي المنشود مرتبط بالأساس، بإعطاء الأولوية للحلول التربوية و البيداغوجية لمعالجة اختلالات المنظومة التربوية عبر استبعاد منطق المعالجة التقنية الصرفة للإشكاليات التربوية، وتجاوز المقاربة الكمية  إلى ما هو نوعي، من خلال التركيز على المستهدف الأساسي من الإصلاح (التلميذ/ة ) .و كذا تجديد المحتويات و المضامين و تحديث البرامج و المناهج الدراسية ، ومراجعة المقاربات التدبيرية المعتمدة حاليا في تسيير الشأن التربوي.
ولن يتأتى ذلك، إلا بممارسة الحكامة الجيدة في تدبير المنظومة التربوية، عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة، والحرص على ترسيخ مبادئ الجودة والشفافية وتكافؤ الفرص في الاستفادة من الخدمات التربوية ؛ وكذا إعمال المقاربة التعاقدية والتدبير بالنتائج من أجل تخليق وشفافية التدبير المالي و المادي.
 بالإضافة إلى ضرورة العمل على تثمين العنصر البشري (نساء ورجال التعليم)، عبر إعادة الاعتبار له و تحفيزه ماديا و معنويا . وكذا تفعيل المقاربة التشاركية و إنجاز تعبئة مجتمعية شاملة حول الإصلاح التربوي، عن طريق إعداد وتنفيذ خطة تواصلية محكمة قصد ضمان تعبئة و انخراط  ومساهمة كافة الفاعلين و المتدخلين و المعنيين (تلاميذ، أساتذة، إدارة تربوية،مدبرون،مسئولون، أطر تربوية، مفتشون، نقابات، جمعيات المجتمع المدني...) في المجهود الإصلاحي، في أفق إعادة الثقة إلى المدرسة المغربية و إنجاح الإصلاح التربوي المنشود، باعتباره المدخل الأساسي لربح الرهان التنموي لبلادنا.
عبد الغفور العلام
مفتش التخطيط التربوي
منقول عن: www.almoharir.ma

الاثنين، 10 أغسطس 2015

طريقة التلقين في التدريس والإحتراق النفسي للمعلم




تعد طريقة التلقين من المصادر الرئيسة المسببة للضغوط النفسية الشديدة التي يتعرض لها معلم علم النفس بالمرحلة الثانوية العامة وتؤدي به إلي الاحتراق النفسي.

تعريف طريقة التلقين:
كل حديث يقوم به المعلم لنقل المعلومات والمعارف بصورة لا تعطي للمتعلمين فرصة للفهم والتفكير والتساؤل والبحث والتجريب والنقد.
ومن خلال التعريف السابق يتضح:
- التلقين يعتمد على الإلقاء من جانب المعلم، ويقع العبء الأكبر علي كاهله في عملية التدريس.
- يتم تقديم المعلومات بصورة جاهزة علي المتعلم ولا يتطلب منه التفكير والبحث والاستقصاء.
- ينحصر دور المتعلم في الاستماع والحرمان من المشاركة في المواقف التعليمية وقلة فرص التفاعل.
- يعتمد التلقين على الترديد والحفظ والامتثال والاستظهار ولا يعطى مجالاً للفهم والتفكير والتساؤل والتجريب والنقد.
• أسباب استخدام طريقة التلقين:
على الرغم من نتائج البحوث والدراسات التي أثبتت عدم جدوى طريقة التلقين وعدم رضا المعلمين عنها إلا أن المعلمين يبقون عليها ولعل أهم هذه الأسباب ما يلي:
(1) الألفة والدفء بين المعلم وطريقة التلقين طوال السنوات الماضية.
(2) ما اكتسبه المعلم من قناعات عقلية، مما أدى به إلي الحرص عليها والدفاع عنها، وإقناع الآخرين بأنها الأفضل.
(3) تعود المعلم في طريقة التلقين على مشكلات ألفها وقد سيطر عليها بخبرته القائمة على التجربة الشخصية ـ من وجهة نظره – وبالتالي يخشى من تطبيق الجديد، فهو يرى فيه تهديد لشخصيته وخطر يهدد وجوده الذي اكتسبه في هذه الطريقة وأن هذه الاستراتجيات الجديدة ستحتاج إلى جهود عظيمة لتجاوزها والسيطرة عليها.
• المشكلات المرتبطة بطريقة التلقين
1. عدم الرضا عن طريقة التلقين في التدريس:
يعد رضا المعلم عن طريقته في التدريس من الأمور التي تؤكد ذاته وتشعره بالثقة في نفسه والتي تعد أحد مظاهر الصحة النفسية الإيجابية، كما أنها من الأمور المهمة التي تحقق الرضا المهني للمعلم. وتؤدى الطريقة إلي " إحساس المعلم بضغوط شديدة لشعوره بعدم ملائمة طريقة تدريسه للأهداف التربوية".
(ب) الآثار المترتبة علي استخدام المعلم طريقة التلقين:
تؤثر طريقة التلقين في التدريس علي المعلم تأثيراً سلبياً، ومن أهم الآثار المترتبة مايلي:
(1) انزعاج المعلم:
يشعر المعلم الذي يستخدم طريقة التلقين أن طريقته لا تناسب خصائص المتعلمين وتطورات العصر فقد تتسم تساؤلات هؤلاء المتعلمين بالحداثة والغرابة خاصة لدى المتعلمين المبدعين والذين ينشأون في أسر ذات مستوى عال من التعليم أو توفر لهم أسرهم من الإمكانات التي تسمح لهم بالاطلاع على الكتب والمجلات، والانفتاح على العالم الخارجي من خلال مشاهدة الفضائيات، وتصفح المواقع الاليكترونية على شبكة الانترنت.
(2) عدم قدرة المعلم علي إطلاق الطاقات الكامنة للمتعلمين:
يعد استخدام المعلم لطرائق التدريس المناسبة، والتي تستثمر الطاقات والقدرات الكامنة من الأمور التي تؤدي إلي رضا المعلم، وأن عدم قدرته علي تحقيق ذلك يتبعه شعور سلبي نحو الذات.
(3) شعور المعلم بالإحباط وضعف الثقة بالنفس:
ترتبط طريقة التلقين بنفور الطلاب من معلمهم، وبذلك تقل دافعتيهم نحو التعلم، وإخفاقهم في تحقيق الانجاز على نحو سليم وهذا بدوره يؤدى إلى إحساس المعلم بأن رسالته لم يؤدها على أكمل وجه.
(4) إحساس المعلم بالملل والتوتر والضيق:
فقد يطلب بعض المتعلمين من المعلم تكرار أو تفسير بعض الأمور التي تتسم بالغموض لفهمها، والتي قد تؤدى بالمعلم إلى الملل، كما أن عدم فهم المتعلمين لها بعد تكرارها، أوعدم اقتناعهم بها لضعف الحجج التي استند إليها المعلم، قد يؤدى به إلى التوتر والضيق.
(5) إخفاق المعلم في ربط الدرس بالتطبيقات التربوية:
يؤدى عدم ربط الدرس بالتطبيقات التربوية إلى شرود المتعلمين، والقيام بتعبيرات مختلفة تنم عن الضجر والملل، والتظاهر بالتثاؤب، وغيرها من السلوكيات التي تعد مؤشراً على انصرافهم عن المعلم وعدم متابعتهم للدرس، مما يؤثر على حالة المعلم النفسية.
(6) عدم قدرة المعلم علي إثبات النتائج التي توصل إليها:
فطريقة التلقين تفتقد إلى المعلومات الفنية التي تبرهن على هذه النتائج وهذا يتطلب أن يجهد المعلم نفسه لإيجاد الحجج لإثبات صحة ما يقول وأنه من الأيسر إذا قام المتعلمون بممارستها من خلال الأنشطة الصفية في الموقف التعليمي.
(7) عدم قدرة المعلم علي تحقيق أهداف الدرس:
إن تحقيق أهداف الدرس التي وضعها المعلم بالاشتراك مع المتعلمين تحقق له الثقة في نفسه، وتكون مبعثاً على السعادة والراحة النفسية، وهذا يتم تحقيقه من خلال استراتيجيات تعلمية تتيح دور ايجابي فاعل للمتعلمين وعلى النقيض من ذلك فالممارسات التقليدية ـ منها طريقة التلقين ـ تؤدى إلى نتائج غير مرضية كالشعور بالتوتر والقلق علاوة على الجهد الذي يبذله المعلم والذي يؤدى به في نهاية المطاف إلى الضيق والاحتراق النفسي.
(8) افتقاد الدعم الأدائي من قبل الزملاء في تنفيذ الدرس:
فقد بينت احدي الدراسات أن الاحتراق النفسي كان أقل لدى المعلمين الذين يتلقون الدعم من الزملاء في تنفيذ الدرس
(9) عبء العمل الزائد:
يتحمل المعلم في الفصل التقليدي إعطاء التوجيهات والأوامر والنواهي التي تحفظ النظام داخل الفصل، فهو يبذل جهداً يفوق طاقته، فهو الذي يقرر أنشطة وممارسات المتعلمين، وهو الذي ينفذ قراراته فيما يتصل بنوعية السلوك المناسب وغير المناسب وبالتالي يشعر بأنه منهك في نهاية كل حصة نتيجة العبء الذي يقع علي كاهله، وإحساسه بأن جهوده غير مثمرة مع بعض المتعلمين، وعدم استجابتهم لطريقته.
(10) نقص الإنجاز الشخصي:
يشعر معلم علم النفس الذي يستخدم طريقة التلقين في التدريس أنه غير راض أو غير مقتنع بأدائه المهني وإنجازاته في تمسكه بهذه الطريقة، وبعد فترة يصل هذا المعلم إلى القناعة بأنه لم يكن نفسه في مستوى التوقعات والمثل العليا التي رسمها هدفاً له .
(11) الإجهاد الانفعالي:
وينشأ نتيجة للعبء الزائد في طريقة التلقين وما ينتج عنها من سوء العلاقات بين المتعلمين والمعلم وعدم استجابتهم له، وقد يرتبط بذلك رغبة المعلم في ترك العمل كرد فعل طبيعي لذلك.
(12) التبلد الانفعالي وفقدان الاهتمام بالآخرين:
وفيها لا يستجيب ولا يستثار المعلم لأي حدث يمر عليه كتقدم المتعلمين في التحصيل وتفاعلهم، أو غير ذلك من الأمور غير السارة التي تتعلق بهم فالأحداث والمواقف الجديدة لا تلفت انتباهه لاعتياد المعلم علي الرتابة والنمطية من خلال طريقة التلقين التي يتبعها.
(13) قلة التعزيز الايجابي الذي يحصل علية المعلم:
بالرغم من العبء الذي يتحمله المعلم والجهد الكبير الذي يبذله في التدريس فإنه لا يلقي تعزيزاً من قبل المتعلمين أو إدارة المدرسة أو من قبل الموجهين وأولياء الأمور ويكون ذلك مؤشراً علي المعاناة التي يعيشها.
(14) انعدام التفاعل والشعور بالوحدة وقلة الحيلة:
يحتاج المعلم أحيانا الى مشاركة المتعلمين في التنفيس والحوار والتفاعل معهم، ولكن طريقة التلقين تجعله ينعزل عنهم ويشعر عندئذ بالوحدة وقلة الحيلة.
(15) افتقاد الحماس:
ينمو إحساس لدي المعلم بأن عمله بلا هدف أو بلا معنى، فيصبح العمل في أدنى سلم أولوياته
(16) اليأس والاستسلام:
يشعر المعلم بالفشل، والتشاؤم، والشك بالنفس، والإحساس بالفراغ والرغبة في الهروب من العمل، وينتج عن هذه الأعراض تأثيرات جسدية وانفعالية قد تتطور إلى عجز مزمن.
(القذافي خلف عبد الوهاب محمد( 2010): فاعلية استراتيجية قائمة علي التعلم النشط في خفض الاحتراق النفسي وتنمية مهارات التفاعل اللفظي لمعلمي علم النفس بالمرحلة الثانوية ) رسالة ماجستير ، قسم المناهج وطرق التدريس ، معهد الدراسات التربوية، جامعة القاهرة، ص ص 21 :34.

الأحد، 9 أغسطس 2015

مناهج التعليم في ظل العولمة

مناهج التعليم في ظل العولمة

إعداد مشرفة اللغة الإنجليزية بمحافظة الجموم
كوثر جميل فادن

مقدمة :
       ظهرت في مجتمعاتنا مشكلات كثيرة متنوعة ؛ نتيجة للتطورات السريعة وتدفق المعارف الإنسانية والعلمية وتعقد الحضارة وتشابكها ، أدى إلى عدم وجود توازن سليم بين التكنولوجيا الحديثة وبين الحياة الاجتماعية ، فاصبح الفرد غير قادر على التكيف أمام هذا الكم الهائل من وسائل التقنية ,التطورات السريعة .

انعكاسات العولمة على التعليم

انعكاسات العولمة على التعليم

 إعداد:- د. نافز أيوب محمد 
"علي أحمد" أستاذ مساعد 
في جامعة القدس المفتوحة 
منطقة سلفيت التعليمية
 فلسطين